أُطْلِقَ بَوْلُهُ؛ قَالَ: رَبِّ قَدْ تُبْت إلَيْك. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَهَذَا الرِّضَا الَّذِي ادَّعَى سمنون ظَهَرَ غَلَطُهُ فِيهِ بِأَدْنَى بَلْوَى مَعَ أَنَّ سمنونا هَذَا كَانَ يَضْرِبُ بِهِ الْمَثَلَ وَلَهُ فِي الْمَحَبَّةِ مَقَامٌ مَشْهُورٌ حَتَّى رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ ابْنِ فاتك أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت سمنونا يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَجَاءَ طَائِرٌ صَغِيرٌ فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُو مِنْهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ بِمِنْقَارِهِ الْأَرْضَ حَتَّى سَقَطَ مِنْهُ دَمٌ؛ وَمَاتَ الطَّائِرُ. وَقَالَ رَأَيْته يَوْمًا يَتَكَلَّمُ فِي الْمَحَبَّةِ فَاصْطَفَقَتْ قَنَادِيلُ الْمَسْجِدِ وَكَسَرَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَقَدْ ذَكَرَ القشيري فِي (بَابِ الرِّضَا عَنْ رويم الْمُقْرِي رَفِيقُ سمنون حِكَايَةً تُنَاسِبُ هَذَا حَيْثُ قَالَ: قَالَ رويم: إنَّ الرَّاضِيَ لَوْ جَعَلَ جَهَنَّمَ عَنْ يَمِينِهِ مَا سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُحَوِّلَهَا عَنْ يَسَارِهِ؛ فَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ سمنون: فَكَيْفَ مَا شِئْت فَامْتَحِنِّي. وَإِذَا لَمْ يُطِقْ الصَّبْرَ عَلَى عُسْرِ الْبَوْلِ؛ أَفَيُطِيقُ أَنْ تَكُونَ النَّارُ عَنْ يَمِينِهِ. والْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ كَانَ أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ هَؤُلَاءِ وَابْتُلِيَ بِعُسْرِ الْبَوْلِ فَغَلَبَهُ الْأَلَمُ حَتَّى قَالَ: بِحُبِّي لَك إلَّا فَرَّجْت عَنِّي؛ فَفُرِّجَ عَنْهُ. ورويم وَإِنْ كَانَ مِنْ رُفَقَاءِ الْجُنَيْد فَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ؛ بَلْ الصُّوفِيَّةُ يَقُولُونَ: إنَّهُ رَجَعَ إلَى الدُّنْيَا وَتَرَكَ التَّصَوُّفَ؛ حَتَّى رُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ الخلدي صَاحِبِ الْجُنَيْد أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَكْتِمَ سِرًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute