وَالنَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا وَطَرِيقُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّتِي يَسْلُكُونَهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ إذْ مَا سِوَى ذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فِي الدِّينِ. ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا أَوْقَعَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْغَلَطِ أَنَّهُمْ وَجَدُوا كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ حَتَّى طَلَبِ الْجَنَّةِ وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ النَّارِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ ذَلِكَ عِبَادَةً وَطَاعَةً وَخَيْرًا؛ بَلْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ النَّفْسِ تَطْلُبُ ذَلِكَ فَرَأَوْا أَنَّ مِنْ الطَّرِيقِ تَرْكَ مَا تَخْتَارُهُ النَّفْسُ وَتُرِيدُهُ وَأَلَّا يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ إرَادَةٌ أَصْلًا؛ بَلْ يَكُونُ مَطْلُوبُهُ الْجَرَيَانَ تَحْتَ الْقَدَرِ - كَائِنًا مَنْ كَانَ - وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ فِي الرَّهْبَانِيَّةِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الشَّرِيعَةِ حَتَّى تَرَكُوا مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ وَالنِّكَاحِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَمَا لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ إلَّا بِهِ؛ فَإِنَّهُمْ رَأَوْا الْعَامَّةَ تَعُدُّ هَذِهِ الْأُمُورَ بِحُكْمِ الطَّبْعِ وَالْهَوَى وَالْعَادَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَكُونُ عِبَادَةً وَلَا طَاعَةً وَلَا قُرْبَةً فَرَأَى أُولَئِكَ الطَّرِيقَ إلَى اللَّهِ تَرْكَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَالْأَفْعَالِ الطَّبْعِيَّاتِ فَلَازَمُوا مِنْ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالصَّمْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ الْحُظُوظِ وَاحْتِمَالُ الْمَشَاقِّ مَا أَوْقَعَهُمْ فِي تَرْكِ وَاجِبَاتٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ وَفِعْلِ مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute