وَأَمَّا كُفْرُهُ فَلِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِتَعْطِيلِ دِينِ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُلَاحَظَةَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَوْقَعَتْ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْإِرَادَةِ مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ فِي أَنْ تَرَكُوا مِنْ الْمَأْمُورِ وَفَعَلُوا مِنْ الْمَحْظُورِ مَا صَارُوا بِهِ إمَّا نَاقِصِينَ مَحْرُومِينَ وَإِمَّا عَاصِينَ فَاسِقِينَ وَإِمَّا كَافِرِينَ وَقَدْ رَأَيْت مِنْ ذَلِكَ أَلْوَانًا. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} . وَهَؤُلَاءِ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُهُمْ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ طَرَفَا نَقِيضٍ - هَؤُلَاءِ يُلَاحِظُونَ الْقَدَرَ وَيُعْرِضُونَ عَنْ الْأَمْرِ. وَأُولَئِكَ يُلَاحِظُونَ الْأَمْرَ وَيُعْرِضُونَ عَنْ الْقَدَرِ - وَالطَّائِفَتَانِ تَظُنُّ أَنَّ مُلَاحَظَةَ الْأَمْرِ وَالْقَدَرِ مُتَعَذِّرٌ كَمَا أَنَّ طَائِفَة تَجْعَلُ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ. وَهَذِهِ الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ هِيَ: الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ المشركية؛ وَالْقَدَرِيَّةُ الإبليسية؛ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَصْلُ مَا يُبْتَلَى بِهِ السَّالِكُونَ أَهْلُ الْإِرَادَةِ وَالْعَامَّةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ هِيَ " الْقَدَرِيَّةُ المشركية " فَيَشْهَدُونَ الْقَدَرَ وَيُعْرِضُونَ عَنْ الْأَمْرِ كَمَا قَالَ فِيهِمْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَنْتَ عِنْدَ الطَّاعَةِ قَدَرِيٌّ وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ جَبْرِيٌّ أَيُّ مَذْهَبٍ وَافَقَ هَوَاك تَمَذْهَبْت بِهِ. وَإِنَّمَا الْمَشْرُوعُ الْعَكْسُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الطَّاعَةِ يَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفِعْلِ وَيَشْكُرُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْفِعْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute