للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا فَخْرَ} وَهُوَ شَفِيعُ الْأَوَّلِينَ والآخرين فِي الْحِسَابِ بَيْنَهُمْ؛ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَسْتَفْتِحُ بَابَ الْجَنَّةِ. وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِيثَاقَ الْإِيمَانِ بِهِ كَمَا أَخَذَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أَنْ يُؤْمِنَ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ؛ وَيُصَدِّقَ بِمَنْ بَعْدَهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} الْآيَةَ. فَافْتَتَحَ الْكَلَامَ بِاللَّامِ الْمُوَطِّئَةِ لِلْقَسَمِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إذَا اشْتَمَلَ الْكَلَامُ عَلَى قَسَمٍ وَشَرْطٍ؛ وَأَدْخَلَ اللَّامَ عَلَى مَا الشَّرْطِيَّةِ لِيُبَيِّنَ الْعُمُومَ وَيَكُونَ الْمَعْنَى: مَهْمَا آتِيكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ فَعَلَيْكُمْ إذَا جَاءَكُمْ ذَلِكَ النَّبِيُّ الْمُصَدِّقُ الْإِيمَانُ بِهِ وَنَصْرُهُ. كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَوَّهَ بِذِكْرِهِ وَأَعْلَنَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى مَا بَيْنَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ؛ كَمَا فِي {حَدِيثِ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ متى كُنْت نَبِيًّا؟ - وَفِي رِوَايَةٍ - مَتَى كُتِبْت نَبِيًّا؟ فَقَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ} رَوَاهُ أَحْمَد. وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ العرباض بْنِ سَارِيَةَ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {قَالَ: إنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ. وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ} الْحَدِيثَ.