للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْضٍ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئَ بِمَنْ دَخَلَهَا مِنْ أَتْبَاعِ إبْلِيسَ} . وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ الْوَقْفَ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ؛ وَأَنَّهُ لَا يُجْزَمُ لِمُعَيَّنِ مِنْهُمْ بِجَنَّةِ وَلَا نَارٍ بَلْ يُقَالُ فِيهِمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ: حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: {اللَّهُ أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ} . فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَفِي حَدِيثِ سُمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ {أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} وَثَبَتَ {أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ} كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ وَهَذَا يُحَقِّقُ مَا رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ: أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَظْهَرُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ فِيهِمْ فَيَجْزِيهِمْ حِينَئِذٍ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَاخْتَارَهُ. وَأَمَّا أَئِمَّةُ الضَّلَالِ - الَّذِينَ عَلَيْهِمْ أَوْزَارُ مَنْ أَضَلُّوهُ - وَنَحْوَهُمْ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمْ إنَّمَا عُوقِبُوا لِوُجُودِ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ؛ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ " فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ " وَقَوْلُهُ: {مَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ تَبِعَهُ} فَإِذَا وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْفِعْلِ صَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ، وَالْهَامُّ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي لَمْ يَعْمَلْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ إرَادَةٌ جَازِمَةٌ وَفَاعِلُ