للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُعْفَى عَمَّا فِي نَفْسِهِ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ عَمَلِهِ وَهَذَا فَرْقٌ بَيِّنٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَبِهِ تَأْتَلِفُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ. وَهَذَا كَمَا عَفَا اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ. كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ فَمَنْ صَحَّ إيمَانُهُ عُفِيَ لَهُ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ كَمَا يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ؛ بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ الْإِيمَانُ فَإِنَّ هَذَا لَمْ تَدُلّ النُّصُوصُ عَلَى تَرْكِ مُؤَاخَذَتِهِ بِمَا فِي نَفْسِهِ وَخَطَئِهِ وَنِسْيَانِهِ [وَلِهَذَا جَاءَ: {نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ} هَذَا الْأَثَرُ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الأصبهاني فِي " كِتَابِ الْأَمْثَالِ " مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ البناني. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي النِّيَّةِ مَنْ طُرُقٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَعَّفَهَا. فَاَللَّهُ أَعْلَم. فَإِنَّ النِّيَّةَ يُثَابُ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ بِمُجَرَّدِهَا] (*) وَتَجْرِي مَجْرَى الْعَمَلِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا إلَّا الْعَجْزُ وَيُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَأَمَّا عَمَلُ الْبَدَنِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْقُدْرَةِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا قَلِيلًا؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: قُوَّةُ الْمُؤْمِنِ فِي قَلْبِهِ وَضَعْفُهُ فِي بَدَنِهِ وَقُوَّةُ الْمُنَافِقِ فِي بَدَنِهِ وَضَعْفُهُ فِي قَلْبِهِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٩١):
والذي يظهر لي أن الكلام على هذا الحديث ليس من الشيخ رحمه الله، بل أظنه كان في الحاشية فأقحمه بعض النساخ، ويدل عليه أمور:
فمن ذلك: أن الكلام الذي بعد التخريج متصل بالحديث اتصالًا وثيقاً، ويبدو أن العبارة هي كالتالي (ولهذا جاء: " نية المؤمن خير من عمله "، فإن النية يثاب عليها المؤمن بمجردها. .)، وما بينهما مقجم.
ومنه: أنك لو تأملت الكلام على الحديث لوجدته مستقلًا بنفسه، بدأ بـ (هذا الأثر. .) وانتهى بـ (فالله أعلم)، مما يزيد من احتمال كونه في حاشية النسخة فقام أحدهم بإدخاله في المتن.
ومنه: ذكر اسم ابن القيم رحمه الله فيه.
هذا ما ظهر لي، والله أعلم.