قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً فَلَا تُنْبِتُ كَلَأً. فَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ اللَّهُ بِمَا بَعَثَنِي بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ. وَمِثْلَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلَتْ بِهِ} فَهَذَا أَحَدُ الْمَثَلَيْنِ. و " الْمَثَلُ الْآخَرُ " مَا يُوقَدُ عَلَيْهِ لِطَلَبِ الْحِلْيَةِ وَالْمَتَاعِ: مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّ السَّيْلَ يَحْتَمِلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ زَبَدٌ مِثْلُهُ ثُمَّ قَالَ: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ} الرَّابِي عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى الْمُوقَدِ عَلَيْهِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الشَّكِّ وَالشُّبُهَاتِ فِي الْعَقَائِدِ وَالْإِرَادَاتِ الْفَاسِدَةِ كَمَا شَكَاهُ الصَّحَابَةُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: {فَيَذْهَبُ جُفَاءً} يَجْفُوهُ الْقَلْبُ فَيَرْمِيهِ وَيَقْذِفُهُ كَمَا يَقْذِفُ الْمَاءُ الزَّبَدَ وَيَجْفُوهُ {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} وَهُوَ مِثْلُ مَا ثَبَتَ فِي الْقُلُوبِ مِنْ الْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} الْآيَةُ إلَى قَوْلِهِ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} فَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ مِنْ خَوَاطِرِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ فَكَرِهَهُ وَأَلْقَاهُ ازْدَادَ إيمَانًا وَيَقِينًا كَمَا أَنَّ كُلَّ مَنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِذَنْبِ فَكَرِهَهُ وَنَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَتَرَكَهُ لِلَّهِ ازْدَادَ صَلَاحًا وَبِرًّا وَتَقْوَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute