للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُسْلِمُ خَلْقٌ تَارَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَارَةً ظَاهِرًا فَقَطْ وَيَكْثُرُ الْمُهَاجِرُونَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَالْأَهْلِينَ وَالْعُزَّابِ فَكَانَ مَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ مَكَانٌ يَأْوِي إلَيْهِ يَأْوِي إلَى تِلْكَ الصُّفَّةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُنْ جَمِيعُ أَهْلِ الصُّفَّةِ يَجْتَمِعُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَتَأَهَّلُ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى مَكَانٍ آخَرَ يَتَيَسَّرُ لَهُ. وَيَجِيءُ نَاسٌ بَعْدَ نَاسٍ فَكَانُوا تَارَةً يَقِلُّونَ وَتَارَةً يَكْثُرُونَ فَتَارَةً يَكُونُونَ عَشْرَةً أَوْ أَقَلَّ وَتَارَةً يَكُونُونَ عِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَأَكْثَرَ وَتَارَةً يَكُونُونَ سِتِّينَ وَسَبْعِينَ. وَأَمَّا جُمْلَةُ مَنْ أَوَى إلَى الصُّفَّةِ مَعَ تَفَرُّقِهِمْ فَقَدْ قِيلَ: كَانُوا نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ قِيلَ: كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَقَدْ جَمَعَ أَسْمَاءَهُمْ " الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي " فِي " كِتَابِ تَارِيخِ أَهْلِ الصُّفَّةِ " جَمَعَ ذِكْرَ مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ " أَهْلِ الصُّفَّةِ " وَكَانَ مُعْتَنِيًا بِذِكْرِ أَخْبَارِ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ؛ وَالْآثَارِ الَّتِي يَسْتَنِدُونَ إلَيْهَا وَالْكَلِمَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُمْ؛ وَجَمَعَ أَخْبَارَ زُهَّادِ السَّلَفِ. وَأَخْبَارَ جَمِيعِ مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ؛ وَكَمْ بَلَغُوا. وَأَخْبَارَ الصُّوفِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ. وَجَمَعَ أَيْضًا فِي الْأَبْوَابِ: مِثْلَ حَقَائِقِ التَّفْسِيرِ. وَمِثْلَ أَبْوَابِ التَّصَوُّفِ الْجَارِيَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْفِقْهِ. وَمِثْلَ كَلَامِهِمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ؛ وَمَسْأَلَةَ السَّمَاعِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْوَالِ. وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ. وَفِيمَا جَمَعَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ. وَمَنَافِعُ جَلِيلَةٌ.