للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ يَكُونُ الْفُقَرَاءُ سَابِقِينَ وَقَدْ يَكُونُونَ مُقْتَصِدِينَ وَقَدْ يَكُونُونَ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ كَالْأَغْنِيَاءِ وَفِي كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ: الْمُؤْمِنُ الصِّدِّيقُ وَالْمُنَافِقُ الزِّنْدِيقُ. وَأَمَّا الْمُسْتَأْخِرُونَ فَـ " الْفَقِيرُ " فِي عُرْفِهِمْ عِبَارَةٌ عَنْ السَّالِكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ " الصُّوفِيُّ " فِي عُرْفِهِمْ أَيْضًا ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يُرَجِّحُ مُسَمَّى " الصُّوفِيِّ " عَلَى مُسَمَّى " الْفَقِيرِ " لِأَنَّهُ عِنْدَهُ الَّذِي قَامَ بِالْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَجِّحُ مُسَمَّى الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ الَّذِي قَطَعَ الْعَلَائِقَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ فِي الظَّاهِرِ بِغَيْرِ الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ وَهَذِهِ مُنَازَعَاتٌ لَفْظِيَّةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ. وَ " التَّحْقِيقُ " أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْمُودَ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الصِّدِّيقِ وَالْوَلِيِّ وَالصَّالِحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَمِنْ حَيْثُ دَخَلَ فِي الْأَسْمَاءِ النَّبَوِيَّةِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّسَالَةُ وَأَمَّا مَا تَمَيَّزَ بِهِ مِمَّا يَعُدُّهُ صَاحِبُهُ فَضْلًا وَلَيْسَ بِفَضْلِ أَوْ مِمَّا يُوَالِي عَلَيْهِ صَاحِبُهُ غَيْرَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا زِيَادَةُ الدَّرَجَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَهِيَ أُمُورٌ مُهْدَرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ إلَّا إذَا جُعِلَتْ مِنْ الْمُبَاحَاتِ كَالصِّنَاعَاتِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ بِشَرْطِ أَلَّا يَعْتَقِدَ أَنَّ تِلْكَ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَحَبَّاتِ. وَأَمَّا مَا يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ فِي دِينِ اللَّهِ: مِنْ أَنْوَاعِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ. فَيَجِبُ النَّهْيُ عَنْهُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ.