وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ يَمِيلُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ: كَالزُّهْرِيِّ وَرَجَاءِ بْنِ حيوة وَأَبِي الزِّنَادِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأُنَاسٍ آخَرِينَ وَتَكَلَّمَ فِيهِمْ مَنْ تَكَلَّمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلٌ وَاجْتِهَادٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَنُصُوصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَدِلَةٌ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ {أَنَّ الْفُقَرَاءَ قَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ. يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا وَلَا نَتَصَدَّقُ فَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا؟ إذَا فَعَلْتُمُوهُ أَدْرَكْتُمْ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يَلْحَقْكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ إلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ فَعَلَّمَهُمْ التَّسْبِيحَ الْمِائَةَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ. فَجَاءُوا إلَيْهِ فَقَالُوا: إنَّ إخْوَانَنَا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ سَمِعُوا ذَلِكَ فَفَعَلُوهُ فَقَالَ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيه مَنْ يَشَاءُ} وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ مَرَاسِيلِ أَبِي صَالِحٍ فَهَذَا فِيهِ تَفْضِيلٌ لِلْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ عَمِلُوا مِثْلَ عَمَلِ الْفُقَرَاءِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ وَزَادُوا عَلَيْهِمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ. وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ - خَمْسِمِائَةِ عَامٍ - وَفِي رِوَايَةٍ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا} فَهَذَا فِيهِ تَفْضِيلُ الْفُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ؛ فَإِنَّ الْفَقِيرَ لَيْسَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ يُحَاسَبُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute