للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ} وَقَوْلُهُ {أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا} وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: فِيمَنْ يَتَحَدَّثُ عِنْدَ الْأُمَرَاءِ بِحَدِيثِ. ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَقُولُ بِخِلَافِهِ " كُنَّا نَعُدُّ هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِفَاقًا " فَإِذَا أَرَدْت بِهِ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ. فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُهُ لِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ مِثْلِ لَامِ الْعَهْدِ؛ وَالْإِضَافَةِ. فَهَذَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاطِئًا كَمَا إذَا قَالَ الرَّجُلُ: جَاءَ الْقَاضِي. وَعَنَى بِهِ قَاضِيَ بَلَدِهِ لِكَوْنِ اللَّامِ لِلْعَهْدِ. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} أَنَّ اللَّامَ هِيَ أَوْجَبَتْ قَصْرَ الرَّسُولِ عَلَى مُوسَى لَا نَفْسِ لَفْظِ " رَسُولٍ ". وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَالْمَعْنَى الْخَاصِّ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَإِنَّ تَخْصِيصَ هَذَا اللَّفْظِ بِالْكَافِرِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِدُخُولِ اللَّامِ الَّتِي تُفِيدُ الْعَهْدَ وَالْمُنَافِقُ الْمَعْهُودُ: هُوَ الْكَافِرُ. أَوْ تَكُونُ لِغَلَبَةِ هَذَا الِاسْمِ فِي الشَّرْعِ عَلَى نِفَاقِ الْكُفْرِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا} يَعْنِي بِهِ مُنَافِقًا بِالْمَعْنَى الْعَامِّ وَهُوَ إظْهَارُهُ مِنْ الدِّينِ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ. فَإِطْلَاقُ لَفْظِ " النِّفَاقِ " عَلَى الْكَافِرِ وَعَلَى الْفَاسِقِ إنْ أَطْلَقْته بِاعْتِبَارِ مَا يَمْتَازُ بِهِ عَنْ الْفَاسِقِ. كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْفَاسِقِ بِاعْتِبَارِ الِاشْتِرَاكِ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ خَاصَّةً. وَيَكُونُ مُتَوَاطِئًا إذَا كَانَ الدَّالُّ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ غَيْرَ لَفْظِ " مُنَافِقٍ " بَلْ لَامُ التَّعْرِيفِ.