للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ لَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّة: - قَوْلُهُ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} قَدْ أُتْبِعَ بِقَوْلِهِ {وَحَرَّمَ الرِّبَا} وَعَامَّةُ أَنْوَاعِ الرِّبَا يُسَمَّى بَيْعًا. وَالرِّبَا - وَإِنْ كَانَ اسْمًا مُجْمَلًا - فَهُوَ مَجْهُولٌ. وَاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولِ مِنْ الْمَعْلُومِ يُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى فَيَبْقَى الْمُرَادُ إحْلَالُ الْبَيْعِ الَّذِي لَيْسَ بِرِبَا. فَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْفَرْدَ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ بِرِبَا لَمْ يَصِحَّ إدْخَالُهُ فِي الْبَيْعِ الْحَلَالِ. وَهَذَا يَمْنَعُ دَعْوَى الْعُمُومِ. وَإِنْ كَانَ الرِّبَا اسْمًا عَامًّا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْبَيْعِ أَيْضًا. فَيَبْقَى الْبَيْعُ لَفْظًا مَخْصُوصًا. فَلَا يَصِحُّ ادِّعَاءُ الْعُمُومِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. قَالَ ابْنُ الْمُرَحَّلِ: - هَذَا مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ. وَهُنَا عمومان تَعَارَضَا وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ. فَإِنَّ صِيَغَ الِاسْتِثْنَاءِ مَعْلُومَةٌ. وَإِذَا كَانَ هَذَا تَخْصِيصًا لَمْ يَمْنَعْ ادِّعَاءَ الْعُمُومِ فِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: - هَذَا كَلَامٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضِ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ الْمُتَّصِلِ. وَتُسَمِّيه الْفُقَهَاءُ اسْتِثْنَاءً كَقَوْلِهِ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ وَلِي مِنْهَا هَذَا الْبَيْتُ. فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إلَّا هَذَا الْبَيْتُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَلَا تُكْرِمْ فُلَانًا وَهُوَ مِنْهُمْ. كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إلَّا فُلَانًا. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ رِبًا.