للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ فِي الزَّمَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَكَيْفَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ؟ وَالْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ وَيَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ وَلَيْسَ آخِرُ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلَهُمْ كَمَا أَنَّ آخِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُهُمْ؛ فَإِنَّ فَضْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ} . وَقَوْلِهِ: " {آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ بِك أُمِرْت أَنْ لَا أَفْتَحَ لِأَحَدِ قَبْلَك} وَ " لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ " رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ فَوْقَ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ فَكَانَ أَحَقَّهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْتِيه الْوَحْيُ مِنْ اللَّهِ لَا سِيَّمَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فِي نُبُوَّتِهِ مُحْتَاجًا إلَى غَيْرِهِ فَلَمْ تَحْتَجْ شَرِيعَتُهُ إلَى سَابِقٍ وَلَا إلَى لَاحِقٍ؛ بِخِلَافِ الْمَسِيحِ أَحَالَهُمْ فِي أَكْثَرِ الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّوْرَاةِ وَجَاءَ الْمَسِيحُ فَكَمَّلَهَا؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّصَارَى مُحْتَاجِينَ إلَى النُّبُوَّاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْمَسِيحِ: كَالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَتَمَامِ الْأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ نُبُوَّةً وَكَانَ الْأُمَمُ قَبْلَنَا مُحْتَاجِينَ إلَى مُحَدَّثِينَ؛ بِخِلَافِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَاهُمْ بِهِ فَلَمْ يَحْتَاجُوا مَعَهُ إلَى نَبِيٍّ وَلَا إلَى مُحَدَّثٍ؛ بَلْ جُمِعَ لَهُ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَعَارِفِ