أَصْبَحَتْ مُنْفَعِلًا لِمَا تَخْتَارُهُ … مِنِّي فَفِعْلِي كُلُّهُ طَاعَاتٌ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ؛ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّ صَاحِبَهَا الذَّمُّ وَالْعِقَابُ مُخَالَفَةُ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} وَسَنَذْكُرُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَالْأَمْرِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ. وَكَانَتْ هَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " قَدْ اشْتَبَهَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ فَبَيَّنَهَا الْجُنَيْد رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُمْ مَنْ اتَّبَعَ الْجُنَيْد فِيهَا كَانَ عَلَى السَّدَادِ وَمَنْ خَالَفَهُ ضَلَّ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَفِي شُهُودِ هَذَا التَّوْحِيدِ وَهَذَا يُسَمُّونَهُ الْجَمْعَ الْأَوَّلَ فَبَيَّنَ لَهُمْ الْجُنَيْد أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُهُودِ الْفَرْقِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ شُهُودِ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا مُشْتَرَكَةً فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَبَيْنَ مَا يَنْهَى عَنْهُ وَيَكْرَهُهُ وَيَسْخَطُهُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute