للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ وَجُنْدِهِ الْغَالِبِينَ؛ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفُرُوقِ الَّتِي يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ فَمَنْ اسْتَعْمَلَهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ فِيمَا يُبْغِضُهُ الرَّبُّ وَيَكْرَهُهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ. فَـ " الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ " هِيَ مَشِيئَتُهُ لِمَا خَلَقَهُ وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ دَاخِلَةٌ فِي مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْإِرَادَةِ الدِّينِيَّةِ هِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَجَعَلَهُ شَرْعًا وَدِينًا. وَهَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} وَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} وَقَالَ تَعَالَى فِي الثَّانِيَةِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وَقَالَ فِي آيَةِ الطَّهَارَةِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وَلَمَّا ذَكَرَ مَا أَحَلَّهُ وَمَا حَرَّمَهُ مِنْ النِّكَاحِ قَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}