للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} وَلَا سِيَّمَا إذَا قِيلَ: ظَهَرَ فِيهَا وَتَجَلَّى فَإِنَّ اللَّفْظَ يَصِيرُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتُهُ فِيهَا أَوْ تَكُونَ قَدْ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْآةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا مِثَالُ الْمَرْئِيِّ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ ذَاتَ اللَّهِ لَيْسَتْ فِي الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا فِي نَفْسِ ذَاتِهِ تَرَى الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يُرَى الْمَرْئِيُّ فِي الْمِرْآةِ وَلَكِنَّ ظُهُورَهَا دَلَالَتُهَا عَلَيْهِ وَشَهَادَتُهَا لَهُ وَأَنَّهَا آيَاتٌ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَصِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّ مُقَارَنَةَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا " بِأَنَا " وَاللَّفْظَةِ الَّتِي هِيَ " حَقِيقَةُ النُّبُوَّةِ " وَ " الرُّوحُ الْإِضَافِيُّ " هَذِهِ الْأَشْيَاءُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى أَسْمَاءِ اللَّهِ؛ بِحَيْثُ تَكُونُ مِمَّا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُضْمَرَةِ أَمْ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ؟ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ: فَتَكُونُ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى أَسْمَاءِ اللَّهِ وَتَكُونُ الْمَخْلُوقَات جُزْءًا مِنْ اللَّهِ وَصِفَةً لَهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي: فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَعْدُومَةً لَيْسَ لَهَا وُجُودٌ فِي أَنْفُسِهَا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً لَا مَوْجُودَةً ثَابِتَةً لَا ثَابِتَةً مُنْتَفِيَةً لَا مُنْتَفِيَةً؟ وَهَذَا تَقْسِيمٌ بَيِّنٌ وَهُوَ أَحَدُ مَا يَكْشِفُ حَقِيقَةَ هَذَا التَّلْبِيسِ. فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الَّتِي كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ مَعْدُومَةً عِنْدَ نُزُولِ الْخَلِيَّةِ ظَهَرَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَهَذِهِ الْأُمُورُ الظَّاهِرَةُ الْمَعْلُومَةُ بَعْدَ هَذَا النُّزُولِ قَدْ صَارَتْ " أَنَا " وَحَقِيقَةُ نُبُوَّةٍ وَرُوحًا إضَافِيًّا وَفِعْلَ ذَاتٍ وَمَفْعُولَ ذَاتٍ وَمَعْنَى وَسَائِطَ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي اللَّهِ فَفِيهِ كُفْرَانِ عَظِيمَانِ: كَوْنُ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ جُزْءًا مِنْ اللَّهِ