للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ صِفَةً لِلَّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُسَمَّى بِاسْمِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِنَفْسِ اللَّهِ لَا لِصِفَاتِهِ وَالسُّجُودُ لِلَّهِ لَا لِصِفَاتِهِ وَالدُّعَاءُ لِلَّهِ لَا لِصِفَاتِهِ وَإِنْ كَانَتْ صِفَةً لِغَيْرِهِ فَهَذَا الْإِلْزَامُ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ. وَهَذَا تَقْسِيمٌ لَا مَحِيصَ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا الْمُلْحِدَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ جَعَلَ هَذِهِ الْعُقْدَةَ الَّتِي سَمَّاهَا (عُقْدَةَ حَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ وَجَعَلَهَا صُورَةَ عِلْمِ الْحَقِّ بِنَفْسِهِ وَجَعَلَهَا مِرْآةً لِانْعِكَاسِ الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ مَحَلًّا لِتَمَيُّزِ صِفَاتِهِ الْقَدِيمَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ ظَهَرَ فِيهِ بِصُورَتِهِ وَصِفَتِهِ وَاصِفًا يَصِفُ نَفْسَهُ وَيُحِيطُ بِهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِاسْمِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَعْطَى مُحَمَّدًا هَذِهِ الْعُقْدَةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُسَمَّى بِاسْمِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْمُسَمَّى بِاسْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فَيَكُونُ هُوَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْعُقْدَةَ الَّتِي أَعْطَاهَا لِمُحَمَّدِ وَإِنْ كَانَتْ صِفَةً لَهُ أَوْ غَيْرِهِ فَتَكُونُ هِيَ الرَّحْمَنَ فَهَذَا الْمُلْحِدُ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ قَدْ وَهَبَهُ اللَّهُ لِمُحَمَّدِ وَكُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَجِ الْكُفْرِ وَأَبْشَعِهِ. (الْوَجْهُ الْخَامِسُ) أَنَّ قَوْلَهُ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ طَرَفَانِ: طَرَفٌ إلَى الْحَقِّ الْمُوَاجِهِ إلَيْهَا الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ الْوُجُودُ الْأَعْلَى وَاصِفًا وَطَرَفٌ إلَى ظُهُورِ الْعَالَمِ مِنْهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالرُّوحِ الْإِضَافِيِّ. فَذَكَرَ فِي هَذَا الْكَلَامِ ظُهُورَ الْوُجُودِ وَظُهُورَ الْعَالَمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَقَّ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُتَجَلٍّ بِنَفْسِهِ بِوَحْدَتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ الْخَلِيَّةُ