بِحَيْثُ يُعْذَرُونَ وَالنَّاقِصِينَ نَقْصًا لَا يُلَامُونَ عَلَيْهِ كَانُوا برحية. وَقَدْ بَيَّنْت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا يُعْذَرُونَ فِيهِ وَمَا لَا يُعْذَرُونَ فِيهِ وَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ قَادِرِينَ كَانُوا بلعامية فَإِنَّ مَنْ أَتَى بِخَارِقِ عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ لِمَقْصُودِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا مَعْفُوًّا عَنْهُ كَبَرْحِ أَوْ يَكُونُ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ كبلعام. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْخَارِقَ " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ": مَحْمُودٌ فِي الدِّينِ وَمَذْمُومٌ فِي الدِّينِ وَمُبَاحٌ لَا مَحْمُودٌ وَلَا مَذْمُومٌ فِي الدِّينِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ فِيهِ مَنْفَعَةً كَانَ نِعْمَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَانَ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا كَاللَّعِبِ وَالْعَبَثِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجوزجاني: كُنْ طَالِبًا لِلِاسْتِقَامَةِ لَا طَالِبًا لِلْكَرَامَةِ. فَإِنَّ نَفْسَك منجبلة عَلَى طَلَبِ الْكَرَامَةِ وَرَبُّك يَطْلُبُ مِنْك الِاسْتِقَامَةَ. قَالَ الشَّيْخُ السهروردي فِي عَوَارِفِهِ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْلٌ عَظِيمٌ كَبِيرٌ فِي الْبَابِ وَسِرٌّ غَفَلَ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ السُّلُوكِ وَالطُّلَّابِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ والمتعبدين سَمِعُوا عَنْ سَلَفِ الصَّالِحِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمَا مُنِحُوا بِهِ مِنْ الْكَرَامَاتِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ فَأَبَدًا نُفُوسُهُمْ لَا تَزَالُ تَتَطَلَّعُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُرْزَقُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَلَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَبْقَى مُنْكَسِرَ الْقَلْبِ مُتَّهِمًا لِنَفْسِهِ فِي صِحَّةِ عَمَلِهِ حَيْثُ لَمْ يُكَاشِفْ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَلِمُوا سِرَّ ذَلِكَ لَهَانَ عَلَيْهِمْ الْأَمْرُ فَيُعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute