وَأَمَّا " التَّأْثِيرُ الْكَوْنِيُّ " فَقَدْ يَقَعُ مِنْ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ وَفَاجِرٍ تَأْثِيرُهُ فِي نَفْسِهِ وَفِي غَيْرِهِ كَالْأَحْوَالِ الْفَاسِدَةِ وَالْعَيْنِ وَالسِّحْرِ وَكَالْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ الْمُسَلَّطِينَ وَالسَّلَاطِينِ الْجَبَابِرَةِ وَمَا كَانَ مِنْ الْعِلْمِ مُخْتَصًّا بِالصَّالِحِينَ أَفْضَلُ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُصْلِحُونَ وَالْمُفْسِدُونَ.
الثَّالِثُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالدِّينِ وَالْعَمَلِ بِهِ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَضُرُّهُ. وَأَمَّا الْكَشْفُ وَالتَّأْثِيرُ فَقَدْ لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .
الرَّابِعُ أَنَّ الْكَشْفَ وَالتَّأْثِيرَ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَائِدَةٌ أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ؛ كَالِاطِّلَاعِ عَلَى سَيِّئَاتِ الْعِبَادِ وَرُكُوبِ السِّبَاعِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَالِاجْتِمَاعِ بِالْجِنِّ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ مَعَ إمْكَانِ الْعُبُورِ عَلَى الْجِسْرِ؛ فَهَذَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبَثِ وَاللَّعِبِ وَإِنَّمَا يَسْتَعْظِمُ هَذَا مَنْ لَمْ يَنَلْهُ. وَهُوَ تَحْتُ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ فِي الْكَوْنِ مِثْلُ مَنْ يَسْتَعْظِمُ الْمَلِكُ أَوْ طَاعَةَ الْمُلُوكِ لِشَخْصِ وَقِيَامِ الْحَالَةِ عِنْدَ النَّاسِ بِلَا فَائِدَةٍ فَهُوَ يَسْتَعْظِمُهُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ لَا مِنْ جِهَةِ مَنْفَعَتِهِ كَالْمَالِ وَالرِّيَاسَةِ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ كَالْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ؛ فَهَذِهِ الْمَنْفَعَةُ تُنَالُ غَالِبًا بِغَيْرِ الْخَوَارِقِ أَكْثَرُ مِمَّا تُنَالُ بِالْخَوَارِقِ وَلَا يَحْصُلُ بِالْخَوَارِقِ مِنْهَا إلَّا الْقَلِيلُ وَلَا تَدُومُ إلَّا بِأَسْبَابِ أُخْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute