للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّابِعُ أَنَّ الدِّينَ هُوَ إقَامَةُ حَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوَ فِعْلُ مَا عَلَيْك وَمَا أُمِرْت بِهِ وَأَمَّا الْخَوَارِقُ فَهِيَ مِنْ حَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ الْعَبْدُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِسَعْيٍ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُهَا بِمَا يَنْصِبُهُ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْعَبْدُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَهْتَمَّ بِمَا عَلَيْهِ وَمَا أُمِرَ بِهِ وَأَمَّا اهْتِمَامُهُ بِمَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالِاهْتِمَامِ بِهِ فَهُوَ إمَّا فُضُولٌ فَتَكُونُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنَافِعِ كَالْمَنَافِعِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الدِّينِ كَتَكْثِيرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَطَاعَةِ النَّاسِ إذَا رَأَوْهَا. وَلِمَا فِيهَا مِنْ دَفْعِ الْمَضَارِّ عَنْ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الْجِهَادِ الَّذِي فِيهِ دَفْعُ الْعَدُوِّ وَغَلَبَتُهُ. ثُمَّ هَلْ الدِّينُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فِي الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ بِالنُّبُوَّةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْخَارِقِ أَوْ لَيْسَ بِمُحْتَاجِ فِي الْخَاصَّةِ بَلْ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ؟ هَذَا نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ. وَأَنْفَعُ الْخَوَارِقِ الْخَارِقُ الدِّينِيُّ وَهُوَ حَالُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيته وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَكَانَتْ آيَتُهُ هِيَ دَعْوَتُهُ وَحُجَّتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. وَلِهَذَا نَجِدُ كَثِيرًا مِنْ الْمُنْحَرِفِينَ مِنَّا إلَى العيسوية يَفِرُّونَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْقَالِ إلَى الْحَالِ كَمَا أَنَّ الْمُنْحَرِفِينَ مِنَّا إلَى الموسوية يَفِرُّونَ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْحَالِ إلَى