الشَّرْعُ لَمْ يَرِدْ بِهِ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ لَهُ إمَّا أَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا النَّاظِرُ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْلَحَةِ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْحَاصِلَةُ أَوْ الْغَالِبَةُ وَكَثِيرًا مَا يَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّ الشَّيْءَ يَنْفَعُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَرْجُوحَةٌ بِالْمَضَرَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: {قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} . وَكَثِيرٌ مِمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ مِنْ الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ مِنْ بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ وَأَهْلِ الْمُلْكِ حَسِبُوهُ مَنْفَعَةً أَوْ مَصْلَحَةً نَافِعًا وَحَقًّا وَصَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْخَارِجِينَ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ يَحْسَبُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مَصْلَحَةً لَهُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَمَنْفَعَةً لَهُمْ {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} وَقَدْ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ عَمَلِهِمْ فَرَأَوْهُ حَسَنًا. فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَرَى حَسَنًا مَا هُوَ سَيِّئٌ كَانَ اسْتِحْسَانُهُ أَوْ اسْتِصْلَاحُهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَهَذَا بِخِلَافِ الَّذِينَ جَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا. فَإِنَّ بَابَ جَحُودِ الْحَقِّ وَمُعَانَدَتِهِ غَيْرُ بَابِ جَهْلِهِ وَالْعَمَى عَنْهُ وَالْكُفَّارُ فِيهِمْ هَذَا وَفِيهِمْ هَذَا وَكَذَلِكَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْقِسْمَانِ. فَإِنَّ النَّاسَ كَمَا أَنَّهُمْ فِي بَابِ الْفَتْوَى وَالْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute