للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِأَمْرِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَهُوَ الَّذِي يُمْسِكُهُمَا أَنْ تَزُولَا أَيَكُونُ مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا مُفْتَقِرًا إلَيْهِمَا إذَا زَالَا تَفَرَّقَ وَانْتَشَرَ؟ . وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُكَفِّرُونَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ السَّمَوَاتِ تُقِلُّهُ أَوْ تُظِلُّهُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ احْتِيَاجِهِ إلَى مَخْلُوقَاتِهِ فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ فِي اسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ مُحْتَاجٌ إلَى الْعَرْشِ كَاحْتِيَاجِ الْمَحْمُولِ إلَى حَامِلِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ؟ لِأَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ حَيٌّ قَيُّومٌ هُوَ الْغَنِيُّ الْمُطْلَقُ وَمَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ: ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ فَكَيْفَ بِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَنَّهُ إذَا ارْتَفَعَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ: تَفَرَّقَ وَانْتَشَرَ وَعَدِمَ؟ فَأَيْنَ حَاجَتُهُ فِي الْحَمْلِ إلَى الْعَرْشِ مِنْ حَاجَةِ ذَاتِهِ إلَى مَا هُوَ دُونَ الْعَرْشِ؟ . ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ: إنْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ بِقِدَمِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَدَوَامِهَا: فَهَذَا كُفْرٌ. وَهُوَ قَوْلٌ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَإِنْكَارِ انْفِطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَانْشِقَاقِهِمَا وَإِنْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ بِحُدُوثِهِمَا فَكَيْفَ كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِمَا؟ هَلْ كَانَ مُنْتَشِرًا مُتَفَرِّقًا مَعْدُومًا ثُمَّ لَمَّا خَلَقَهُمَا صَارَ مَوْجُودًا مُجْتَمِعًا؟ هَلْ يَقُولُ هَذَا عَاقِلٌ؟ . فَأَنْتُمْ دَائِرُونَ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ مَعَ غَايَةِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ فَاخْتَارُوا أَيَّهمَا شِئْتُمْ: إنَّ صُوَرَ الْعَالَمِ لَا تَزَالُ تَفْنَى وَيَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ بَدَلُهَا مِثْلُ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ وَمِثْلُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ فِي الْجَوِّ مِنْ السَّحَابِ وَالرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَالْمَطَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكُلَّمَا عُدِمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ: يَنْتَقِصُ مِنْ نُورِ الْحَقِّ وَيَتَفَرَّقُ