فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ {زِدْنِي فِيك تَحَيُّرًا} مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّمَا يَرْوِيه جَاهِلٌ أَوْ مُلْحِدٌ؛ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ حَائِرًا وَأَنَّهُ سَأَلَ الزِّيَادَةَ فِي الْحَيْرَةِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاهُ بِمَا أَوْحَاهُ إلَيْهِ وَعَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ وَأَمَرَهُ بِسُؤَالِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا وَأَنَّهُ أَمَرَ بِطَلَبِ الْمَزِيدِ مِنْ الْعِلْمِ وَلِذَلِكَ أُمِرَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِطَلَبِ الْهِدَايَةِ فِي قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فَمَنْ يَهْدِي الْخَلْقَ كَيْفَ يَكُونُ حَائِرًا. وَاَللَّهُ قَدْ ذَمَّ الْحَيْرَةَ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} . وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْحَيْرَةُ مِنْ جِنْسِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ الْخَلْقِ عِلْمًا بِاَللَّهِ وَبِأَمْرِهِ وَأَكْمَلُ الْخَلْقِ اهْتِدَاءً فِي نَفْسِهِ وَهَدْيًا لِغَيْرِهِ وَأَبْعَدُ الْخَلْقِ عَنْ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ. قَالَ تَعَالَى {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى} {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} وَقَالَ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute