للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَؤُلَاءِ إذَا قَالُوا إنَّهُ عَيْنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ: فَقَدْ جَحَدُوا مَا جَحَدَهُ فِرْعَوْنُ وَأَقَرُّوا بِمَا أَقَرَّ بِهِ فِرْعَوْنُ؛ إلَّا أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يُسَمِّهِ إلَهًا وَلَمْ يَقُلْ هُوَ اللَّهُ. وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: هَذَا هُوَ اللَّهُ فَهُمْ مُقِرُّونَ بِالصَّانِعِ؛ لَكِنْ جَعَلُوهُ هُوَ الصَّنْعَةَ. فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَطِّلُونَ وَفِي اعْتِقَادِهِمْ مُقِرُّونَ. وَفِرْعَوْنُ بِالْعَكْسِ: كَانَ مُنْكِرًا لِلصَّانِعِ فِي الظَّاهِرِ وَكَانَ فِي الْبَاطِنِ مُقِرًّا بِهِ؛ فَهُوَ أَكْفَرُ مِنْهُمْ؛ وَهُمْ أَضَلُّ مِنْهُ وَأَجْهَلُ؛ وَلِهَذَا يُعَظِّمُونَهُ جِدًّا. (الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ) قَوْلُ الْقَائِلِ: بَلْ هَذَا هُوَ الْحَقُّ الصَّرِيحُ الْمُتَّبَعُ؛ لَا مَا يَرَى الْمُنْحَرِفُ عَنْ مَنَاهِجِ الْإِسْلَامِ وَدِينِهِ الْمُتَحَيِّرِ فِي بَيْدَاءِ ضَلَالَتِهِ وَجَهْلِهِ. فَيُقَالُ: مَنْ الَّذِي قَالَ هَذَا الْحَقَّ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين؟ وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَلَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَشَايِخِهِ إلَّا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَشَايِخِ الدِّينِ: نَظِيرُ جنكيزخان فِي أَمْرِ الْحَرْبِ فَدِيَانَتُهُمْ تُشْبِهُ دَوْلَتَهُ وَلَعَلَّ إقْرَارَهُ بِالصَّانِعِ: خَيْرٌ مِنْ إقْرَارِهِمْ؛ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ يُوجِبُ الْإِسْلَامَ فَيَكُونُ خَيْرًا مِنْ التَّتَارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَأَمَّا مُحَقِّقُوهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ: فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ التَّهَوُّدُ وَالتَّنَصُّرُ وَالْإِسْلَامُ