وَمُتَفَلْسِفِهِمْ - كَانُوا شَرًّا مِنْ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ كَانُوا مُظْهِرِينَ لِلْكُفْرِ وَمُبْطِنِينَ لِلنِّفَاقِ فَهُمْ شَرٌّ مِمَّنْ يُظْهِرُ إيمَانًا وَيُبْطِنُ نِفَاقًا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُتَمَسِّكِينَ بِجُمْلَةِ مَنْسُوخَةٍ فِيهَا تَبْدِيلٌ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ خَارِجُونَ فِي هَذِهِ الْحَالِ عَنْ جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالشَّرَائِعِ وَالْمِلَلِ؛ لَا يَلْتَزِمُونَ لِلَّهِ أَمْرًا وَلَا نَهْيًا بِحَالِ؛ بَلْ هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْتَمْسِكِينَ بِبَقَايَا مِنْ الْمِلَلِ: كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا مُسْتَمْسِكِينَ بِبَقَايَا مِنْ دِينِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ أُولَئِكَ مَعَهُمْ نَوْعٌ مِنْ الْحَقِّ يَلْتَزِمُونَهُ وَإِنْ كَانُوا مَعَ ذَلِكَ مُشْرِكِينَ وَهَؤُلَاءِ خَارِجُونَ عَنْ الْتِزَامِ شَيْءٍ مِنْ الْحَقِّ بِحَيْثُ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا سُدًى لَا أَمْرٌ عَلَيْهِمْ وَلَا نَهْيٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ أَنَّهُ أَوْ طَائِفَةٌ غَيْرُهُ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ وَنَهْيٍ بِحَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَهَؤُلَاءِ أَكْفَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ جِنْسِ فِرْعَوْنَ وَذَوِيهِ وَهُمْ مَعَ هَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَلْتَزِمُوا بِشَيْءِ يَعِيشُونَ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ النَّوْعُ الْإِنْسَانِيُّ أَنْ يَعِيشَ إلَّا بِنَوْعِ أَمْرٍ وَنَهْيٍ فَيَخْرُجُونَ عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ وَعِبَادَتِهِ إلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَتِهِ؛ فَفِرْعَوْنُ هُوَ الَّذِي قَالَ لِمُوسَى: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ثُمَّ كَانَتْ لَهُ آلِهَةٌ يَعْبُدُهَا. كَمَا قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute