قَوْلِهِ إنَّ الْعُلْوِيَّاتِ وَالسُّفْلَيَاتِ لَوْ ارْتَفَعَتْ لَانْبَسَطَ نُورُ اللَّهِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَيْءٌ. فَيُقَالُ لَهُ: إذَا ارْتَفَعَتْ الْعُلْوِيَّاتُ وَالسُّفْلَيَاتُ: فَمَا تَعْنِي بِانْبِسَاطِهِ؟ أَتَعْنِي تَفَرُّقَهُ وَعَدَمَهُ كَمَا يَتَفَرَّقُ نُورُ الْعَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَجْفَانِ؟ أَمْ تَعْنِي أَنَّهُ يَنْبَسِطُ شَيْءٌ مَوْجُودٌ؟ وَمَا الَّذِي يَنْبَسِطُ حِينَئِذٍ؟ أَهُوَ نَفْسُ اللَّهِ أَمْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ؟ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْبَسِطُ؟ وَمَا الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَوْ لَا يَظْهَرُ؟ . فَإِنْ عَنَيْت الْأَوَّلَ وَهُوَ مُقْتَضَى أَوَّلِ كَلَامِك لِأَنَّك قُلْت: وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْعُلْوِيَّاتِ وَالسُّفْلَيَاتِ أَجْفَانُ عَيْنِ اللَّهِ لِأَنَّهُمَا يُحَافِظَانِ عَلَى ظُهُورِ النُّورِ فَلَوْ قُطِعَتْ أَجْفَانُ عَيْنِ الْإِنْسَانِ؛ لَتَفَرَّقَ نُورُ عَيْنِهِ وَانْتَشَرَ بِحَيْثُ لَا يَرَى شَيْئًا أَصْلًا فَكَذَلِكَ الْعُلْوِيَّاتُ وَالسُّفْلَيَاتُ لَوْ ارْتَفَعَتْ: لَانْبَسَطَ نُورُ اللَّهِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا. وَقَدْ قُلْت: إنَّ اللَّهَ هُوَ نُورُ الْعَيْنِ وَالرُّوحُ الْأَعْظَمُ بَيَاضُهَا وَالنَّفْسُ الْكُلِّيَّةُ سَوَادُهَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ نُورَ الْعَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْته بِشَرْطِ وُجُودِهِ هُوَ الْأَجْفَانُ فَإِذَا ارْتَفَعَ الشَّرْطُ ارْتَفَعَ الْمَشْرُوطُ فَيَكُونُ الْعَالَمُ عِنْدَك شَرْطًا فِي وُجُودِ اللَّهِ فَإِذَا ارْتَفَعَ الْعَالَمُ ارْتَفَعَتْ حَقِيقَةُ اللَّهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَإِنْ أَثْبَتَ لَهُ ذَاتًا غَيْرَ الْعَالَمِ فَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الِاتِّحَادِيَّةِ. فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَجْعَلُونَ وُجُودَ الْحَقِّ: هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ غَيْرَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute