للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التتري وَأَقْسَمَ بِأَيْمَانِ مُغَلَّظَةٍ أَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يُرَى فِيهِ أَثَرُ الْأَكْلِ لَكِنَّ الْيَوْمَ بِحُضُورِك لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ. فَقُلْت لِهَذَا الشَّيْخِ: أَنَا أُبَيِّنُ لَك سَبَبَ ذَلِكَ. ذَلِكَ التتري كَافِرٌ مُشْرِكٌ وَلِصَنَمِهِ شَيْطَانٌ يُغْوِيه بِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْأَثَرِ فِي الطَّعَامِ وَأَنْتَ كَانَ مَعَك مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ وَتَأْيِيدِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَوْجَبَ انْصِرَافَ الشَّيْطَانِ عَنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِحُضُورِك وَأَنْتَ وَأَمْثَالُك بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصِ كالتتري بِالنِّسْبَةِ إلَى أَمْثَالِك فالتتري وَأَمْثَالُهُ سُودٌ وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ الْمَحْضِ بِيضٌ وَأَنْتُمْ بُلْقٌ فِيكُمْ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. فَأَعْجَبَ هَذَا الْمَثَلُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا وَقُلْت لَهُمْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَمَّا قَالُوا تُرِيدُ أَنْ نُظْهِرَ هَذِهِ الْإِشَارَاتِ؟ قُلْت: إنْ عَمِلْتُمُوهَا بِحُضُورِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّأْنِ: مِنْ الْأَعْرَابِ وَالْفَلَّاحِينَ أَوْ الْأَتْرَاكِ أَوْ الْعَامَّةِ أَوْ جُمْهُورِ الْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُتَفَقِّرَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ - لَمْ يُحْسَبْ لَكُمْ ذَلِكَ. فَمَنْ مَعَهُ ذَهَبَ فَلْيَأْتِ بِهِ إلَى سُوقِ الصَّرْفِ إلَيَّ عِنْدَ الْجَهَابِذَةِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الذَّهَبَ الْخَالِصَ مِنْ الْمَغْشُوشِ وَمِنْ الصُّفْرِ؛ لَا يَذْهَبُ إلَيَّ عِنْدَ أَهْلِ الْجَهْلِ بِذَلِكَ. فَقَالُوا لِي: لَا نَعْمَلُ هَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ هِمَّتُك مَعَنَا فَقُلْت: هِمَّتِي لَيْسَتْ مَعَكُمْ؛ بَلْ أَنَا مُعَارِضٌ لَكُمْ مَانِعٌ لَكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ تَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إبْطَالَ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ قُدْرَةٌ عَلَى إظْهَارِ ذَلِكَ فَافْعَلُوا. فَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ.