يَحْضُرُونَ مِثْلَ هَذَا السَّمَاعِ لَا بِالْحِجَازِ وَلَا مِصْرَ وَلَا الشَّامِ وَلَا الْعِرَاقِ وَلَا خُرَاسَانَ. لَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا تَابِعِيهِمْ. لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَكَانَ طَائِفَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُسَمُّونَ الضَّرْبَ بِالْقَضِيبِ عَلَى جَلَاجِلَ وَنَحْوِهِ " التَّغْبِيرَ ".
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَرَّانِي: سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: خَلَّفْت بِبَغْدَادَ شَيْئًا أَحْدَثَتْهُ الزَّنَادِقَةُ يُسَمُّونَهُ التَّغْبِيرَ يَصُدُّونَ بِهِ النَّاسَ عَنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا مِنْ كَمَالِ مَعْرِفَةِ الشَّافِعِيِّ وَعِلْمِهِ بِالدِّينِ فَإِنَّ الْقَلْبَ إذَا تَعَوَّدَ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ وَالْأَبْيَاتِ وَالْتَذَّ بِهَا حَصَلَ لَهُ نُفُورٌ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْآيَاتِ فَيَسْتَغْنِي بِسَمَاعِ الشَّيْطَانِ عَنْ سَمَاعِ الرَّحْمَنِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ} " وَقَدْ فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ مِنْ الصَّوْتِ فَيُحْسِنُهُ بِصَوْتِهِ وَيَتَرَنَّمُ بِهِ بِدُونِ التَّلْحِينِ الْمَكْرُوهِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَة وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ فَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ قَالَ: {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ} " وَفِي الْأَثَرِ: " إنَّ الْعَبْدَ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ وَقَالَ لَهُ: تَغَنَّ فَإِنْ لَمْ يَتَغَنَّ. قَالَ لَهُ: تَمَنَّ " فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute