وَإِنْ كَانَ أَتْبَاعُ هَؤُلَاءِ زَادُوا عَلَى مَا شَرَعَهُ سَادَاتُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ زِيَادَاتٍ مِنْ الْفَوَاحِشِ الَّتِي لَا تَرْضَاهَا الْقُرُودُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ {أَنَّ أَبَا عِمْرَانَ رَأَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدًا زَنَى بِقِرْدَةِ فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرُودُ فَرَجَمَتْهُ} . وَمِثْلُ ذَلِكَ قَدْ شَاهَدَهُ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا فِي غَيْرِ الْقُرُودِ حَتَّى الطُّيُورِ. فَلَوْ كَانَتْ صُحْبَةُ " المردان " الْمَذْكُورَةُ خَالِيَةً عَنْ الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ فَهِيَ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ وَسَبَبٌ لَهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمَشَايِخُ الْعَارِفُونَ بِطَرِيقِ اللَّهِ يُحَذِّرُونَ مِنْ ذَلِكَ. كَمَا قَالَ فَتْحِ الموصلي: أَدْرَكْت ثَلَاثِينَ مِنْ الْأَبْدَالِ كَلٌّ يَنْهَانِي عِنْدَ مُفَارَقَتِي إيَّاهُ عَنْ صُحْبَةِ الْأَحْدَاثِ. وَقَالَ مَعْرُوفٌ الْكَرْخِي: كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: مَا أَنَا عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَبْعٍ يَجْلِسُ إلَيْهِ بِأَخْوَفَ مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ حَدَثٍ يَجْلِسُ إلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرٌ الْحَافِي: إنَّ مَعَ الْمَرْأَةِ شَيْطَانًا وَمَعَ الْحَدَثِ شَيْطَانَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا سَقَطَ عَبْدٌ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ إلَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِصُحْبَةِ هَؤُلَاءِ الْأَحْدَاثِ. وَقَدْ دَخَلَ مِنْ فِتْنَةِ الصُّوَرِ وَالْأَصْوَاتِ عَلَى النُّسَّاكِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ حَتَّى اعْتَرَفَ أَكَابِرُ الشُّيُوخُ بِذَلِكَ. وَتَابَ مِنْهُمْ مَنْ تَدَارَكَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ اتِّبَاعِ الْهَوَى بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} وَمَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute