للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي الْقِصَاصِ فِي الْبَدَنِ: أَنَّهُ إذَا جَرَحَهُ أَوْ خَنَقَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ. فَهَذَا أَصَحُّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا لِحَقِّ اللَّهِ كَفِعْلِ الْفَاحِشَةِ أَوْ تَجْرِيعِهِ الْخَمْرَ فَقَدْ نَهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا أَكْثَرُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ سَوَّغَهُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ. وَإِذَا اعْتَرَفَ الظَّالِمُ بِظُلْمِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْمَظْلُومِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لَهُ فَهَذَا حَسَنٌ مَشْرُوعٌ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: {أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَلَامٌ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ طَلَبَ مِنْ عُمَرَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَأَبَى عُمَرُ ثُمَّ نَدِمَ. فَطَلَبَ أَبَا بَكْرٍ فَوَجَدَهُ قَدْ سَبَقَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ إنِّي قَدْ جِئْت إلَيْكُمْ فَقُلْت: إنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُمْ: كَذَبْت؛ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْت فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي} ؟ ". وَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْمَظْلُومِ الْعَفْوَ بَعْدَ اعْتِرَافِ الظَّالِمِ فَأَجَابَ: كَانَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ أَجْرُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِنْ أَبَى إلَّا طَلَبَ حَقِّهِ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا. لَكِنْ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ الْأَحْسَنَ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ كَمَا قَدْ يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} {إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ