للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} . إذْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَقْصِدُونَ الْإِصْلَاحَ: إمَّا لِسُمْعَةِ وَإِمَّا لِرِيَاءِ. وَمِنْ الْعَدْلِ أَنْ يُمَكَّنَ الْمَظْلُومُ مِنْ الِانْتِصَافِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّفَاعَةُ إلَى الْمَظْلُومِ فِي الْعَفْوِ وَيُصَالِحُهُ الظَّالِمُ وَتَرْغِيبُهُ فِي ذَلِكَ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ حُقُوقَ الْعِبَادِ الَّتِي فِيهَا وِزْرُ الظَّالِمِ نَدَبَ فِيهَا إلَى الْعَفْوِ. كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} . وَقَوْلُهُ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} . وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: {مَا رُفِعَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ فِي الْقِصَاصِ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ} " وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ طَلَبِ الْعَفْوِ مِنْ الْمَظْلُومِ أَنَّ الظَّالِمَ يَقُومُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَا يَضَعُ نَعْلَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَلْتَزِمُهُ بَعْضُ النَّاسِ. وَإِنَّمَا شَرْطُهُ التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ. فَإِذَا أَمْكَنَ الْمَظْلُومُ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَقَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ. ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى. وَلِلْمَظْلُومِ أَنْ يَهْجُرَهُ ثَلَاثًا وَأَمَّا بَعْدَ الثَّلَاثِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْجُرَهُ عَلَى ظُلْمِهِ إيَّاهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ