الَّذِي تُؤَرِّخُ لَهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ. وَأَمَّا " ذُو الْقَرْنَيْنِ " الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي بَنَى " السَّدَّ " فَكَانَ قَبْلَ هَؤُلَاءِ بِزَمَنِ طَوِيلٍ وَأَمَّا الْإِسْكَنْدَرُ الَّذِي وَزَرَ لَهُ أَرِسْطُو: فَإِنَّهُ إنَّمَا بَلَغَ بِلَادَ خُرَاسَانَ وَنَحْوَهَا فِي دَوْلَةِ الْفُرْسِ لَمْ يَصِلْ إلَى السَّدِّ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. و " ابْنُ سِينَا " أَحْدَثَ فَلْسَفَةً رَكِبَهَا مِنْ كَلَامِ سَلَفِهِ الْيُونَانِ وَمِمَّا أَخَذَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدِعِينَ الْجَهْمِيَّة وَنَحْوِهِمْ. وَسَلَكَ طَرِيقَ الْمَلَاحِدَةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ وَمَزَجَهُ بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ وَحَقِيقَتُهُ تَعُودُ إلَى كَلَامِ إخْوَانِهِ الْإِسْمَاعِيلِيَّة الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ فَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ كَانُوا مِنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة: اتِّبَاعِ الْحَاكِمِ الَّذِي كَانَ بِمِصْرِ وَكَانُوا فِي زَمَنِهِ وَدِينُهُمْ دِينُ أَصْحَابِ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ مُنَافِقِي الْأُمَمِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى. وَكَانَ الْفَارَابِيُّ قَدْ حَذَقَ فِي حُرُوفِ الْيُونَانِ الَّتِي هِيَ تَعَالِيمُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ الْمَشَّائِينَ وَفِي أَصْوَاتِهِمْ صِنَاعَةُ الْغِنَاءِ فَفِي هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ مِمَّا تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ وَتَرْتَاضُ بِهِ وَتُهَذَّبُ بِهِ الْأَخْلَاقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute