للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم الَّذِينَ أَثْنَى عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ وَوُجِدَ بَعْدَهُمْ فِي التَّابِعِينَ آثَارٌ ثَلَاثَةٌ: الِاضْطِرَابُ وَالِاخْتِلَاجُ وَالْإِغْمَاءُ - أَوْ الْمَوْتُ وَالْهُيَامُ؛ فَأَنْكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ ذَلِكَ - إمَّا لِبِدْعَتِهِمْ وَإِمَّا لِحُبِّهِمْ. وَأَمَّا جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ فَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ السَّبَبَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا كَانَ صَاحِبُهُ فِيمَا تَوَلَّدَ عَنْهُ مَعْذُورًا. لَكِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ قُوَّةُ الْوَارِدِ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَضَعْفُ قُلُوبِهِمْ عَنْ حَمْلِهِ فَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ السَّمَاعُ لِقَسْوَتِهِمْ كَانُوا مَذْمُومِينَ كَمَا ذَمَّ اللَّهُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} وَقَالَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} وَلَوْ أَثَّرَ فِيهِمْ آثَارًا مَحْمُودَةً لَمْ يَجْذِبْهُمْ عَنْ حَدِّ الْعَقْلِ. لَكَانُوا كَمَنْ أَخْرَجَهُمْ إلَى حَدِّ الْغَلَبَةِ كَانُوا مَحْمُودِينَ أَيْضًا وَمَعْذُورِينَ.

فَأَمَّا سَمَاعُ الْقَاصِدِينَ لِصَلَاحِ الْقُلُوبِ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ: إمَّا نَشِيدٌ مُجَرَّدٌ نَظِيرَ الْغُبَارِ. وَإِمَّا بِالتَّصْفِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهُوَ السَّمَاعُ الْمُحْدَثُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ أُحْدِثَ بَعْدَ ذَهَابِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَثْنَى عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: {خَيْرُ الْقُرُونِ: الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ} وَقَدْ كَرِهَهُ أَعْيَانُ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ أَكَابِرُ الْمَشَايِخِ.