يَقُولُونَ: إنَّ تَكْلِيمَ مُوسَى فَيْضٌ فَاضَ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ وَيَقُولُونَ: إنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ. وَ " النَّوْعُ الثَّالِثُ ": الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ مُوسَى أَفْضَلُ لَكِنَّ صَاحِبَ الرِّيَاضَةِ قَدْ يَسْمَعُ الْخِطَابَ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى؛ وَلَكِنْ مُوسَى مَقْصُودًا بِالتَّكْلِيمِ دُونَ هَذَا كَمَا يُوجَدُ هَذَا فِي أَخْبَارِ صَاحِبِ " مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ " وَكَذَلِكَ سَلَكَ مَسْلَكَهُ صَاحِبُ " خَلْعِ النَّعْلَيْنِ " وَأَمْثَالِهِمَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الشِّعْرِ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ: " الْزَمْ الشَّرْعَ يَا فَقِيهُ وَصَلِّ " يُشْعِرُ بِأَنَّك أَنْتَ تَبَعُ الشَّرْعِ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا إلَى اللَّهِ طَرِيقٌ غَيْرُ الشَّرْعِ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ يُوصِلُهُ إلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ وَثَوَابِهِ غَيْرِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَإِنَّهُ أَيْضًا كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ: كَطَائِفَةٍ أَسْقَطُوا التَّكْلِيفَ وَزَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ يَصِلُ إلَى اللَّهِ بِلَا مُتَابَعَةِ الرُّسُلِ. وَ " طَائِفَةٍ " يَظُنُّونَ أَنَّ الْخَوَاصَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ يَسْتَغْنُونَ عَنْ مُتَابَعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَغْنَى الْخَضِرُ عَنْ مُتَابَعَةِ مُوسَى وَجَهِلَ هَؤُلَاءِ أَنَّ مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إلَى الْخَضِرِ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولٌ إلَى كُلِّ أَحَدٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْخَضِرِ لَمْ تُخَالِفْ شَرِيعَةَ مُوسَى؛ بَلْ وَافَقَتْهَا وَلَكِنَّ الْأَسْبَابَ الْمُبِيحَةَ لِلْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ مُوسَى عَلِمَهَا فَلَمَّا عَلِمَهَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَفْعَالَ تُوَافِقُ شَرِيعَتَهُ لَا تُخَالِفُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute