للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلشَّمْسِ مَعَ الصَّوْمِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّوْمِ وَحْدَهُ} لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُحِبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِبَادَةِ وَإِنْ ظَنَّهَا الظَّانُّ تُقَرِّبُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: {إنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ} . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: كَيْت وَكَيْت لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي} ". فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَا هُوَ جِنْسُهُ عِبَادَةً؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ جِنْسُهُمَا عِبَادَةٌ وَتَرْكَ اللَّحْمِ وَالتَّزْوِيجِ جَائِزٌ لَكِنْ لَمَّا خَرَجَ فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ فَالْتَزَمَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْتَزَمَ هَذَا تَرْكَ الْمُبَاحِ كَمَا يَفْعَلُ الرُّهْبَانُ تَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ إلَى خِلَافِهَا وَقَالَ: {لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ} " فَكَيْفَ بِمَنْ يَرْغَبُ عَمَّا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الصَّلَاةُ فِي الْجُمْعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ غَيْرَ مَرَّةٍ: عَمَّنْ يَصُومُ