للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَا عَلِمَهُ كُلُّ مَخْلُوقٍ حَتَّى عَلِمَهُ ذَلِكَ الْمَخْلُوقُ فَهَذَا لَمْ يَفْتَرِهِ غَيْرُهُ. (الْخَامِسُ) أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ التَّجَلِّيَ الذَّاتِيَّ بِصُورَةِ اسْتِعْدَادِ الْمُتَجَلِّي وَالْمُتَجَلَّى لَهُ مَا رَأَى سِوَى صُورَتِهِ فِي مِرْآةِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرَى الْحَقَّ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مَا رَأَى صُورَتَهُ إلَّا فِيهِ وَضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْمِرْآةِ؛ فَجَعَلَ الْحَقَّ هُوَ الْمِرْآةُ وَالصُّورَةَ فِي الْمِرْآةِ هِيَ صُورَتُهُ. وَهَذَا تَحْقِيقُ مَا ذَكَرْته مِنْ مَذْهَبِهِ: أَنَّ وُجُودَ الْأَعْيَانِ عِنْدَهُ وُجُودُ الْحَقِّ وَالْأَعْيَانُ كَانَتْ ثَابِتَةً فِي الْعَدَمِ فَظَهَرَ فِيهَا وُجُودُ الْحَقِّ فَالْمُتَجَلَّى لَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا يَرَى الْوُجُودَ مُجَرَّدًا عَنْ الذَّوَاتِ مَا يَرَى إلَّا الذَّوَاتِ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا الْوُجُودُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى رُؤْيَةِ الْوُجُودِ أَبَدًا. وَهَذَا عِنْدَهُ هُوَ الْغَايَةُ الَّتِي لَيْسَ فَوْقَهَا غَايَةٌ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ وَمَا بَعْدَهُ إلَّا الْعَدَمُ الْمَحْضُ فَهُوَ مِرْآتُك فِي رُؤْيَتِك نَفْسَك وَأَنْتَ مِرْآتُهُ فِي رُؤْيَتِهِ أَسْمَاءَهُ وَظُهُورِ أَحْكَامِهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرَى نَفْسَهُ - الَّتِي هِيَ عَيْنُهُ - إلَّا فِي وُجُودِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ وُجُودُهُ وَالْعَبْدُ مِرْآتُهُ فِي رُؤْيَتِهِ أَسْمَاءَهُ وَظُهُورِ أَحْكَامِهَا لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْحَقِّ عِنْدَهُ هِيَ النِّسَبُ وَالْإِضَافَاتُ الَّتِي بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَبَيْنَ وُجُودِ الْحَقِّ؛ وَأَحْكَامُ الْأَسْمَاءِ هِيَ الْأَعْيَانُ الثَّابِتَةُ فِي الْعَدَمِ وَظُهُورُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِتَجَلِّي الْحَقِّ فِي الْأَعْيَانِ. وَالْأَعْيَانُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الْعِيَانِ: هِيَ مِرْآةُ الْحَقِّ الَّتِي بِهَا يَرَى أَسْمَاءَهُ؛