للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا قَبِيحًا وَكَانَ شَرًّا. لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ؛ وَلِهَذَا كَانَ لِلنَّاسِ فِي الشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْفَوَاحِشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ": قِيلَ: إنَّ قُبْحَهُمَا مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِهِمْ الرَّسُولُ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ. وَ " قِيلَ ": لَا قُبْحَ وَلَا حُسْنَ وَلَا شَرَّ فِيهِمَا قَبْلَ الْخِطَابِ وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ مَا قِيلَ فِيهِ لَا تَفْعَلْ؛ وَالْحَسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ افْعَلْ أَوْ مَا أُذِنَ فِي فِعْلِهِ. كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ. وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ سَيْءٌ وَشَرٌّ وَقَبِيحٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ؛ لَكِنَّ الْعُقُوبَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ. وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ السَّلَفِ وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. فَإِنَّ فِيهِمَا بَيَانُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْكُفَّارُ هُوَ شَرٌّ وَقَبِيحٌ وَسَيْءٌ قَبْلَ الرُّسُلِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ إلَّا بِالرَّسُولِ. وَفِي الصحيح {أن حُذَيْفَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ. قَالَ: نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا} ".