تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ مُطْلَقًا فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا مُنْكَرًا. وَمَنْ قَالَ: مَا أَذِنَ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ فِي تَوْبَةٍ. فَمَعْنَاهُ مَا دَامَ مُبْتَدِعًا يَرَاهَا حَسَنَةً لَا يَتُوبُ مِنْهَا فَأَمَّا إذَا أَرَاهُ اللَّهُ أَنَّهَا قَبِيحَةٌ فَإِنَّهُ يَتُوبُ مِنْهَا كَمَا يَرَى الْكَافِرُ أَنَّهُ عَلَى ضَلَالٍ؛ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ كَانَ عَلَى بِدْعَةٍ تَبَيَّنَ لَهُ ضَلَالُهَا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهَا. وَهَؤُلَاءِ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ. وَ " الْخَوَارِجُ " لَمَّا أُرْسِلَ إلَيْهِمْ ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَاظَرَهُمْ رَجَعَ مِنْهُمْ نِصْفُهُمْ أَوْ نَحْوُهُ وَتَابُوا وَتَابَ مِنْهُمْ آخَرُونَ عَلَى يَدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ مِنْهُمْ مَنْ سَمِعَ الْعِلْمَ فَتَابَ وَهَذَا كَثِيرٌ فَهَذَا الْقِسْمُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ فَاعِلُوهُ قُبْحَهُ قِسْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِمْ عَامٌّ وَكَذَلِكَ مَا يَتْرُكُ الْإِنْسَانُ مِنْ وَاجِبَاتٍ لَا يَعْلَمُ وُجُوبَهَا كَثِيرَةً جِدًّا ثُمَّ إذَا عَلِمَ مَا كَانَ قَدْ تَرَكَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَمَا كَانَ مَأْمُورًا بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ وَالِاسْتِغْفَارِ مِمَّا كَانَ سَيِّئَةً وَالتَّائِبُ يَتُوبُ مِمَّا تَرَكَهُ وَضَيَّعَهُ وَفَرَّطَ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَتُوبُ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ هَذَا وَتَرَكَ هَذَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ فَبِالرِّسَالَةِ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِ هَذَا وَفِعْلِ هَذَا. وَإِلَّا فَكَوْنُهُ كَانَ فَاعِلًا لِلسَّيِّئَاتِ الْمَذْمُومَةِ وَتَارِكًا لِلْحَسَنَاتِ الَّتِي يُذَمُّ تَارِكُهَا كَانَ تَائِبًا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَكَرْنَا " الْقَوْلَيْنِ " قَوْلَ مَنْ نَفَى الذَّمَّ وَالْعِقَابَ وَقَوْلَ مَنْ أَثْبَتَ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute