اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كَمَا خَتَمَ بِذَلِكَ " سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ " بِقَوْلِهِ: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَهْلُ التَّقْوَى وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ أَهْلٌ لِلتَّقْوَى. بَلْ قَالَ: {أَهْلُ التَّقْوَى} فَهُوَ وَحْدَهُ أَهْلٌ أَنْ يُتَّقَى فَيُعْبَدُ دُونَ مَا سِوَاهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ أَنْ يُتَّقَى كَمَا قَالَ: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} وَقَالَ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} وَهُوَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ} وَفِي غَيْرِ حَدِيثٍ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ} " فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} فَالْمُؤْمِنُونَ يَسْتَغْفِرُونَ مِمَّا كَانُوا تَارِكِيهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَأْتِهِمْ بِهِ رَسُولٌ بَعْدُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالرَّسُولُ يَسْتَغْفِرُ مِنْ تَرْكِ مَا كَانَ تَارِكَهُ كَمَا قَالَ فِيهِ: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِقَابٌ وَالْمُؤْمِنُ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ ضَيَّعَ حَقَّ قَرَابَتِهِ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ وَتَابَ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ بَعْضَ مَا يَفْعَلُهُ هُوَ مَذْمُومٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute