وَالْإِسْرَافُ كَالْعُدْوَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} وَمُجَاوَزَةُ قَدْرِ الْحَاجَةِ فَالذُّنُوبُ مِثْلُ اتِّبَاعِ الْهَوَى بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ. فَهَذَا كُلُّهُ ذَنْبٌ كَاَلَّذِي يَرْضَى لِنَفْسِهِ وَيَغْضَبُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ وَ " الْإِسْرَافُ " كَاَلَّذِي يَغْضَبُ لِلَّهِ فَيُعَاقَبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ. وَالْآيَةُ فِي سِيَاقِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَدْ أَخْبَرَ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ بِقَوْلِهِ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} وَقَدْ قِيلَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُرَادُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ فِي مَعْرَكَةٍ فَقَدْ قُتِلَ أَنْبِيَاءُ كَثِيرُونَ {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} الْآيَةَ. فَجَمَعُوا بَيْنَ الصَّبْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْمَصَائِبِ الصَّبْرُ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَهَا. وَالْقِتَالُ كَثِيرًا مَا يُقَاتِلُ الْإِنْسَانُ فِيهِ لِغَيْرِ اللَّهِ كَاَلَّذِي يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً. فَهَذَا كُلُّهُ ذُنُوبٌ وَاَلَّذِي يُقَاتِلُ لِلَّهِ قَدْ يُسْرِفُ فَيَقْتُلُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ وَيُعَاقِبُ الْكُفَّارَ بِأَشَدِّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute