(وَمِنْهَا) مَا ادَّعَاهُ مِنْ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَتَفْضِيلِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنَّهُ يَكُونُ مَعَهُمْ كَخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهَذَا ضَلَالٌ وَاضِحٌ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ. وَخَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي الَّذِينَ بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ} وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ {قَالَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين إلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ} قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَتِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا بُنَيَّ أَبُو بَكْرٍ " قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ عُمَرُ " وَرَوَى بِضْعٌ وَثَمَانُونَ نَفْسًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ". وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ هِيَ مَرَاتِبُ الْعِبَادِ: أَفْضَلُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصِّدِّيقُونَ ثُمَّ الشُّهَدَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ. وَقَدْ {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدٌ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَى يُونُسَ بْنِ متى -} مَعَ قَوْلِهِ {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وَقَوْلِهِ {وَهُوَ مُلِيمٌ} - تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يُفَضِّلَ أَحَدٌ نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute