فَقَدْ عَلِمَ عِلْمَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فَهِمَ بَعْضَهُ فَقَدْ تَبَعَّضَ وَعِنْدَهُمْ كَلَامُ اللَّه لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَعَدَّدُ. وَقِيلَ لَهُمْ: قَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى وَإِيحَائِهِ لِغَيْرِهِ. وَعَلَى أَصْلِكُمْ لَا فَرْقَ. وَقِيلَ لَهُمْ: قَدْ كَفَّرَ اللَّهُ مَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ قَوْلَ الْبَشَرِ وَقَدْ جَعَلَهُ تَارَةً قَوْلَ رَسُولٍ مِنْ الْبَشَرِ وَتَارَةً قَوْلَ رَسُولٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} فَهَذَا الرَّسُولُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} فَهَذَا جِبْرِيلُ فَأَضَافَهُ تَارَةً إلَى الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ وَتَارَةً إلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ. وَاَللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ. وَكَانَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ ادَّعَى أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ أَحْدَثَهُ جِبْرِيلُ أَوْ مُحَمَّدٌ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوْ أَحْدَثَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ إضَافَتُهُ إلَى الْآخَرِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَضَافَهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمِ الرَّسُولِ الدَّالِّ عَلَى مُرْسِلِهِ لَا بِاسْمِ الْمَلَكِ وَالنَّبِيِّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ رَسُولٍ بَلَّغَهُ عَنْ مُرْسِلِهِ لَا قَوْلُ مَلَكٍ أَوْ نَبِيٍّ أَحْدَثَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ قَدْ كَفَرَ مَنْ قَالَ إنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute