وَمَا كَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهَا تَمْرَةً إلَّا بِقِرَى أَوْ بِشِرَاءِ فَلَمَّا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْكُلُوا تَمْرَنَا لَا يَأْكُلُونَ تَمْرَةً وَاحِدَةً وَبَصَقَ سَعْدٌ فِي الصَّحِيفَةِ وَقَطَّعَهَا} فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ حُرُوفٌ فَلَا يَجُوزُ إهَانَتُهَا وَالْبُصَاقُ فِيهَا. وَأَيْضًا فَقَدْ كَرِهَ السَّلَفُ مَحْوَ الْقُرْآنِ بِالرِّجْلِ وَلَمْ يَكْرَهُوا مَحْوُ مَا فِيهِ كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْحُرُوفَ قَدِيمَةٌ أَوْ حُرُوفُ الْمُعْجَمِ قَدِيمَةٌ فَإِنْ أَرَادَ جِنْسَهَا فَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنْ أَرَادَ الْحَرْفَ الْمُعَيَّنَ فَقَدْ أَخْطَأَ فَإِنَّ لَهُ مَبْدَأٌ وَمُنْتَهًى وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِغَيْرِهِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُحْدَثًا. وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْحُرُوفِ مُجْمَلٌ يُرَادُ بِالْحُرُوفِ الْحُرُوفُ الْمَنْطُوقَةُ الْمَسْمُوعَةُ الَّتِي هِيَ مَبَانِي الْكَلَامِ وَيُرَادُ بِهَا الْحُرُوفُ الْمَكْتُوبَةُ وَيُرَادُ بِهَا الْحُرُوفُ الْمُتَخَيَّلَةُ فِي النَّفْسِ وَالصَّوْتِ لَا يَكُونُ كَلَامًا إلَّا بِالْحُرُوفِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ. وَأَمَّا الْحُرُوفُ فَهَلْ تَكُونُ كَلَامًا بِدُونِ الصَّوْتِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ. وَالْحَرْفُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الصَّوْتُ الْمُقَطَّعُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ نِهَايَةُ الصَّوْتِ وَحْدَهُ وَقَدْ يُرَادُ بِالْحُرُوفِ الْمِدَادُ وَقَدْ يُرَادُ بِالْحُرُوفِ شَكْلُ الْمِدَادِ فَالْحُرُوفُ الَّتِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَإِذَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ قِيلَ كَلَامُ اللَّهِ الْمَكْتُوبُ فِي الْمُصْحَفِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَمَّا نَفْسُ أَصْوَاتُ الْعِبَادِ فَمَخْلُوقَةٌ وَالْمِدَادُ مَخْلُوقٌ وَشَكْلُ الْمِدَادِ مَخْلُوقٌ فَالْمِدَادُ مَخْلُوقٌ بِمَادَّتِهِ وَصُورَتِهِ وَكَلَامُ اللَّهِ الْمَكْتُوبُ بِالْمِدَادِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَمِنْ كَلَامِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute