للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ كَلَامُ مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا أَمْرًا يَأْمُرُ بِهِ أَوْ خَبَرًا يُخْبِرُهُ لَيْسَ هُوَ كَلَامَ الْمُبَلِّغِ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ. وَإِذَا قَرَأَهُ الْمُبَلِّغُ فَقَدْ يُشَارُ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ فَيُقَالُ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بَلَغَهُ بِهِ الْعِبَادُ مِنْ صِفَاتِهِمْ وَقَدْ يُشَارُ إلَى نَفْسِ صِفَةِ الْعَبْدِ كَحَرَكَتِهِ وَحَيَاتِهِ وَقَدْ يُشَارُ إلَيْهِمَا فَالْمُشَارُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ الثَّانِي مَخْلُوقٌ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ الثَّالِثُ فَمِنْهُ مَخْلُوقٌ وَمِنْهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ نَظِيرِ هَذَا هُوَ نَظِيرُ صِفَةِ الْعَبْدِ لَا نَظِيرُ صِفَةِ الرَّبِّ أَبَدًا. وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ الْقَافُ فِي قَوْلِهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} كَالْقَافِ فِي قَوْلِهِ: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ قِيلَ: مَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَسُمِعَ مِنْهُ لَا يُمَاثِلُ صِفَةَ الْمَخْلُوقِينَ وَلَكِنْ إذَا بَلَّغْنَا كَلَامَ اللَّهِ فَإِنَّمَا بَلَّغْنَاهُ بِصِفَاتِنَا وَصِفَاتُنَا مَخْلُوقَةٌ وَالْمَخْلُوقُ يُمَاثِلُ الْمَخْلُوقَ. وَفِي هَذَا جَوَابٌ لِلطَّائِفَتَيْنِ لِمَنْ قَاسَ صِفَةَ الْمَخْلُوقِ بِصِفَةِ الْخَالِقِ فَجَعَلَهَا غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ فَإِنَّ الْجَهْمِيَّة الْمُعَطِّلَةَ أَشْبَاهُ الْيَهُودِ وَالْحُلُولِيَّةُ الْمُمَثِّلَةُ