للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ. وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَخْلُوقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَا يُقَالُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إنَّهُمَا مَخْلُوقَانِ وَلَا يُقَالُ فِي الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي يَرْوِيهَا عَنْ رَبِّهِ إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ كَقَوْلِهِ: " {يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا} فَكَلَامُ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ قُرْآنًا وَقَدْ لَا يَكُونُ قُرْآنًا وَالصَّلَاةُ إنَّمَا تَجُوزُ وَتَصِحُّ بِالْقُرْآنِ. وَكَلَامُ اللَّهِ كُلُّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَإِذَا فُهِمَ هَذَا فِي مِثْلِ هَذَا فَلْيُفْهَمْ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنَّ مَا يُوجَدُ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْأَسْمَاءِ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَيُوجَدُ فِي غَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بِاعْتِبَارِ وَيُقَالُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بِاعْتِبَارِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ لَكِنَّ كَلَامَ اللَّهِ الْقُرْآنُ وَغَيْرُ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَكَلَامُ الْمَخْلُوقِينَ كُلُّهُ مَخْلُوقٌ. فَمَا كَانَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَا كَانَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَحْتَجُّونَ عَلَى نَفْيِ الْخَلْقِ أَوْ إثْبَاتِ الْقِدَمِ بِشَيْءِ مِنْ صِفَاتِ الْعِبَادِ وَأَعْمَالِهِمْ لِوُجُودِ نَظِيرِ ذَلِكَ فِيمَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ وَكَلَامُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ شَارَكَهُمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْفَاسِدِ مَنْ احْتَجَّ عَلَى خَلْقِ مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُوجَدُ نَظِيرُهُ فِيمَا يُضَافُ إلَى الْعَبْدِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ قَرَءُوهُ بِحَرَكَاتِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ فَقَالَ الجهمي أَصْوَاتُ الْعِبَادِ وَمِدَادُهُمْ مَخْلُوقَةٌ وَهَذَا