للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الصَّوَابَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَد وَقَوْلَ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَلَكِنْ لَمَّا اُمْتُحِنَ النَّاسُ بِمِحْنَةِ الْجَهْمِيَّة وَطُلِبَ مِنْهُمْ تَعْطِيلُ الصِّفَاتِ وَأَنْ يَقُولُوا بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ ثَبَّتَ اللَّهُ الْإِمَامَ أَحْمَد فِي تِلْكَ الْمِحْنَةِ؛ فَدَفَعَ حُجَجَ الْمُعَارِضِينَ الْنُّفَاةِ وَأَظْهَرَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّ السَّلَفَ كَانُوا عَلَى الْإِثْبَاتِ فَآتَاهُ اللَّهُ مِنْ الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ مَا صَارَ بِهِ إمَامًا لِلْمُتَّقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} وَلِهَذَا قِيلَ فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الدُّنْيَا مَا كَانَ أَصْبَرَهُ وَبِالْمَاضِينَ مَا كَانَ أَشْبَهَهُ. أَتَتْهُ الْبِدَعُ فَنَفَاهَا وَالدُّنْيَا فَأَبَاهَا فَلَمَّا ظَهَرَ بِهِ مِنْ السُّنَّةِ مَا ظَهَرَ كَانَ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي بَيَانِهَا وَإِظْهَارِهَا أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِمَّا لِغَيْرِهِ فَصَارَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ يُعَظِّمُونَهُ وَيَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرْت كَلَامَهُ وَكَلَامَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَنُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَإِنَّهُ مُوَافِقٍ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَأَنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ لَا يُخَالِفُ