للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْتَلْزِمٌ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَهُمْ يَقُولُونَ فِي عُمُومِ الْكَائِنَاتِ مَا قَالَتْهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ وَلِهَذَا تَنَوَّعُوا فِي ذَلِكَ تَنَوُّعَ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ. وَمِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْمَعْرُوفِينَ بَلْ الرَّجُلُ أَجَلُّ قَدْرًا وَأَعْظَمُ إيمَانًا مِنْ أَنْ يَفْتَرِيَ هَذَا الْكُفْرَ الصَّرِيحَ وَلَكِنْ أَخْطَأَ شِبْرًا فَفَرَّعُوا عَلَى خَطَئِهِ مَا صَارَ كُفْرًا. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: زَعْمُهُمْ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ وَالرُّسُلَ مِنْ حَيْثُ وِلَايَتُهُمْ تَابِعُونَ لِخَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ وَآخِذُونَ مِنْ مِشْكَاتِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ بِالْعَقْلِ وَالدِّينِ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ وَالرُّسُلُ لَا يَأْخُذُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ جَعَلَهُمْ تَابِعِينَ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِاَللَّهِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ عُلُومِهِمْ وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْعِلْمَ بِاَللَّهِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ وَحْدَةِ الْوُجُودِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ: هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْخَالِقِ. فَلْيَتَدَبَّرْ الْمُؤْمِنُ هَذَا الْكُفْرَ الْقَبِيحَ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ: وَاسْتِشْهَادُهُ عَلَى تَفْضِيلِ غَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ بِقِصَّةِ عُمَرَ وَتَأْبِيرِ النَّخْلِ فَهَلْ يَقُولُ مُسْلِمٌ إنَّ عُمَرَ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِهِ فِي الْأَسْرَى؟ أَوْ أَنَّ الْفَلَّاحِينَ الَّذِينَ يُحْسِنُونَ صِنَاعَةَ التَّأْبِيرِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ؟ ثُمَّ مَا قَنَعَ بِذَلِكَ حَتَّى قَالَ: فَمَا يَلْزَمُ الْكَامِلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ التَّقَدُّمُ فِي كُلِّ عِلْمٍ وَكُلِّ مَرْتَبَةٍ وَإِنَّمَا نَظَرُ الرِّجَالِ إلَى التَّقَدُّمِ فِي مَرْتَبَةِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ هُنَالِكَ مَطْلَبُهُمْ.