وَأَنْزَلَهُ مُنَجَّمًا مُفَرَّقًا لِيُحْفَظَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى كِتَابٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} الْآيَةَ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَك كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} } قَالَ جَمْعُهُ فِي صَدْرِك ثُمَّ تَقْرَؤُهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قَالَ: فَاسْتَمَعَ لَهُ وَأَنْصَتَ {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أَيْ نُبَيِّنُهُ بِلِسَانِك. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقْرَأَهُ؛ فَلِهَذَا لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يُنَقِّطُونَ الْمَصَاحِفَ وَيُشَكِّلُونَهَا وَأَيْضًا كَانُوا عَرَبًا لَا يَلْحَنُونَ؛ فَلَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَقْيِيدِهَا بِالنَّقْطِ وَكَانَ فِي اللَّفْظِ الْوَاحِدِ قِرَاءَتَانِ يُقْرَأُ بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ مِثْلُ: يَعْمَلُونَ وَتَعْمَلُونَ. فَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَحَدِهِمَا لِيَمْنَعُوهُ مِنْ الْأُخْرَى. ثُمَّ إنَّهُ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ لَمَّا حَدَثَ اللَّحْنُ صَارَ بَعْضُ التَّابِعِينَ يُشَكِّلُ الْمَصَاحِفَ وَيُنَقِّطُهَا وَكَانُوا يَعْمَلُونَ ذَلِكَ بِالْحُمْرَةِ وَيَعْمَلُونَ الْفَتْحَ بِنُقْطَةِ حَمْرَاءَ فَوْقَ الْحَرْفِ وَالْكَسْرَةَ بِنُقْطَةِ حَمْرَاءَ تَحْتَهُ وَالضَّمَّةَ بِنُقْطَةِ حَمْرَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute