لِسَانَ الَّذِي أَلْحَدُوا إلَيْهِ بِأَنْ أَضَافُوا إلَيْهِ هَذَا الْقُرْآنَ فَجَعَلُوهُ هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا الْقُرْآنَ لِسَانٌ أَعْجَمِيٌّ وَالْقُرْآنُ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِلَفْظِ {يُلْحِدُونَ} لَمَّا تَضَمَّنَ مِنْ مَعْنَى مَيْلِهِمْ عَنْ الْحَقِّ وَمَيْلُهُمْ إلَى هَذَا الَّذِي أَضَافُوا إلَيْهِ هَذَا الْقُرْآنَ فَإِنَّ لَفْظَ " الْإِلْحَادِ " يَقْتَضِي مَيْلًا عَنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ بِبَاطِلِ فَلَوْ كَانَ الْكُفَّارُ قَالُوا يُعَلِّمُهُ مَعَانِيَهُ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ هَذَا رَدًّا لِقَوْلِهِمْ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَعَلَّمُ مِنْ الْأَعْجَمِيِّ شَيْئًا بِلُغَةِ ذَلِكَ الْأَعْجَمِيِّ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ هُوَ بِعِبَارَتِهِ. وَقَدْ اُشْتُهِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ بَعْضَ الْكُفَّارِ كَانُوا يَقُولُونَ: هُوَ تَعَلَّمَهُ مَنْ شَخْصٍ كَانَ بِمَكَّةَ أَعْجَمِيٌّ. قِيلَ: إنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِابْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَإِذَا كَانَ الْكُفَّارُ جَعَلُوا الَّذِي يُعَلِّمُهُ مَا نَزَلَ بِهِ رُوحُ الْقُدُسِ بَشَرًا وَاَللَّهُ أَبْطَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ لِسَانَ ذَلِكَ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ: عُلِمَ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَزَلَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُؤَلِّفْ نَظْمَ الْقُرْآنِ بَلْ سَمِعَهُ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ وَإِذَا كَانَ رُوحُ الْقُدُسِ نَزَلَ بِهِ مِنْ اللَّهِ عُلِمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يُؤَلِّفْهُ هُوَ وَهَذَا بَيَانٌ مِنْ اللَّهِ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ الْمُبِينُ سَمِعَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ مِنْهُ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} إلَى قَوْلِهِ: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute