للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَفْظَ التَّكْلِيمِ وَالْوَحْيِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَنْقَسِمُ إلَى عَامٍّ وَخَاصٍّ فَالتَّكْلِيمُ هُوَ الْمَقْسُومُ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} وَالتَّكْلِيمُ الْمُطْلَقُ هُوَ قَسِيمُ الْوَحْيِ الْخَاصِّ لَيْسَ هُوَ قِسْمًا مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْوَحْيِ قَدْ يَكُونُ عَامًّا فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّكْلِيمُ الْخَاصُّ كَمَا فِي قَوْلِهِ لِمُوسَى: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} وَقَدْ يَكُونُ قَسِيمَ التَّكْلِيمِ الْخَاصِّ كَمَا فِي سُورَةِ الشُّورَى وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ الْكَلَامُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّكْلِيمِ الَّذِي خُصَّ بِهِ مُوسَى وَالْوَحْيِ الْعَامِّ الَّذِي يَكُونُ لِآحَادِ الْعِبَادِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيحَاءِ وَبَيْنَ التَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَبَيْنَ إرْسَالِ رَسُولٍ يُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ - كَمَا كَلَّمَ مُوسَى - أَمْرٌ غَيْرُ الْإِيحَاءِ. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} وَقَوْلُهُ: {حم} {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وَقَوْلُهُ: {حم} {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ مَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَّهُ مُبَلِّغٌ مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ.